أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة الجمعة القادمة 26 يناير : الدفاع عن الأوطان بين الواجب العيني والكفائي وعِظم الجزاء ، للدكتور محروس حفظي

خطبة الجمعة القادمة

خطبة الجمعة القادمة 26 يناير 2024 م بعنوان : الدفاع عن الأوطان بين الواجب العيني والكفائي وعِظم الجزاء ، للدكتور محروس حفظي ، بتاريخ 14 رجب 1445هـ ، الموافق 26 يناير 2024 م . 

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 26 يناير 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الدفاع عن الأوطان بين الواجب العيني والكفائي وعِظم الجزاء .

ولتحميل خطبة الجمعة القادمة 26 يناير 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الدفاع عن الأوطان بين الواجب العيني والكفائي وعِظم الجزاء ، بصيغة word أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة 26 يناير 2024 م ، للدكتور محروس حفظي بعنوان : الدفاع عن الأوطان بين الواجب العيني والكفائي وعِظم الجزاء ، بصيغة  pdf أضغط هنا.

___________________________________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

و للمزيد عن مسابقات الأوقاف

للمزيد عن أخبار الأوقاف

و للمزيد عن الدروس الدينية

عناصر خطبة الجمعة القادمة 26 يناير 2024 م بعنوان : الدفاع عن الأوطان بين الواجب العيني والكفائي وعِظم الجزاء ، للدكتور محروس حفظي :

(1) حبُّ الأوطانِ والدفاعُ عنهُ مِن صميمِ مقاصدِ الأديانِ.

(2) وجوبُ استشعارِ نعمةِ الأمنِ والأمانِ في وطنِنَا.

(3) وجوبُ الاستعدادِ والتأهبِ للعدوِّ.

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 26 يناير 2024 م بعنوان : الدفاع عن الأوطان بين الواجب العيني والكفائي وعِظم الجزاء ، للدكتور محروس حفظي : كما يلي: 

«الدفاعُ عن الأوطانِ بينَ الواجبِ العينِي والكفائِي، وعِظَمِ الجزاءِ»

بتاريخ 21 رجب 1445 هـ = الموافق 26 يناير 2024 م

العنصر الأول من خطبة الجمعة القادمة 26 يناير : الدفاع عن الأوطان بين الواجب العيني والكفائي وعِظم الجزاء 

(1) حبُّ الأوطانِ والدفاعُ عنهُ مِن صميمِ مقاصدِ الأديانِ:

فطرَ اللهُ الخلقَ على محبةِ الأوطانِ، والحنينِ إلى ترابِهِ، والدفاعِ عن أركانِهِ، والحفاظِ على مقدراتِهِ، ينبضُ بهِ قلبُهُ، ويجري بهِ دمُهُ، فهو مِن أجلِّ النعمِ التي يُنعمُ بهِ الخالقُ على الإنسانِ بعدَ الإيمانِ باللهِ ورُسُلِهِ، ولذا تجدُ السياقَ القرآنِيَّ قد سوَّى بينَ مصيبةِ الموتِ وبينَ الإخراجِ مِن الأوطانِ فقالَ: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾، وقد ضربَ رسولُنَا أروعَ الأمثلةِ في محبتِهِ لوطنِهِ، وتجدُ هذا جليًّا في حادثِ تحويلِ القبلةِ، وكثرةِ تقليبِ وجههِ في السماءِ رجاءً أنْ تُحولَ القبلةُ تجاهَ البيتِ الحرامِ مسقطَ رأسِهِ، وقد تكاثرتْ الأحاديثُ عنهُ في بيانِ محبتِهِ لوطنهِ، فعَنْ ابْنِ عَدِيِّ بْنِ حَمْرَاءَ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ وَاقِفًا عَلَى الحَزْوَرَةِ فَقَالَ: «وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ» (الترمذيُّ وحسنَهُ) .

ولما انتقلَ المسلمونَ من مكةَ إلى المدينةِ وبطبيعةِ الحالِ عندمَا يستقرُّ الإنسانُ في مكانٍ جديدٍ لا يتأقلمُ عليه نفسيًّا وجسديًّا – في بدايةِ الحالِ – فشكُوا حالَهُم للنبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فدعَا لهُم أنْ يغرسَ اللهُ حبَّهَا فيهِم فعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: «قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَهِيَ وَبِيئَةٌ، فَاشْتَكَى أَبُو بَكْرٍ، وَاشْتَكَى بِلَالٌ، فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ شَكْوَى أَصْحَابِهِ، قَالَ: اللهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَمَا حَبَّبْتَ مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ، وَصَحِّحْهَا» (متفقٌ عليه)، وكان بلالٌ رضي اللهُ عنه لشدةِ حزنِهِ على تركِهِ لوطنِهِ – رغمَ ما حدثَ معهُ مِن تعذيبٍ وإيذاءٍ فيهِ- يقولُ: «اللَّهُمَّ الْعَنْ شيبةَ بنَ ربيعةَ وعتبةَ بنَ ربيعةَ وأميةَ بنَ خلفٍ كما أخرجُونَا مِن أرضِنَا إلى أرضِ الوباءِ» (البخاري)، فمحبةُ الأوطانِ غريزةٌ جبليةٌ يشتركُ فيها الإنسانُ والحيوانُ يقولُ الأصمعيُّ:«ثلاثُ خصالٍ في ثلاثةِ أصنافٍ من الحيواناتِ: الإبلُ تحنُّ إلى أوطانِهَا وإنْ كان عهدُهَا بها بعيدًا، والطيرُ إلى وكرِهِ وإنْ كان موضعُهُ مجدبًا، والإنسانُ إلى وطنهِ وإنْ كان غيرُهُ أكثرَ نفعًا»؛ ولذا تجدُ الحيوانَ أو الطيرَ يقطعُ آلالافَ الكيلُو متراتٍ، ويهاجرُ متنقلًا من مكانٍ إلى آخرٍ بحثًا عن الغذاءِ أو مِن أجلِ التكاثرِ والتزاوجِ ثم يحنُّ إلى وطنِهِ الأُم بل قد يُضحِّي بكلِّ غالٍ ونفيسٍ في سبيلِ تحقيقِ ذلك حتّى إنّ بعضَ المخلوقاتِ إذا تمَّ نقلُهَا عن موطنِهَا الأصليِّ فإنَّها تموتُ، وتذهبُ سُدى، فسبحانَ مَن دقتْ حكمتُهُ وقدرتُهُ كلَّ شيءٍ .

إنّ المسلمَ عندما يحبُّ وطنَهُ ويدافع عن أرضه وترابه إنَّما يتمثلُ في الأساسِ هديَ نبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بل هديَ الأنبياءِ جميعًا، فمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لما مكثَ في مدينَ فترةً من الزمنِ حنَّ للرجوعِ إلى بلدِهِ الأُم مِصرَ– وعلى جبلِ الطورِ في سيناءَ كلَّمَ ربَّهُ– رغمَ ما سيُلاقيهِ من متاعبَ ومشاقٍ، واستمعْ إلى القرآنِ وهو يحكِي ذلك: ﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ * فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ .

يقول ابنُ العربيِّ المالكيِّ: (قَالَ عُلَمَاؤُنَا: لَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ طَلَبَ الرُّجُوعَ إلَى أَهْلِهِ، وَحَنَّ إلَى وَطَنِهِ، وَفِي الرُّجُوعِ إلَى الْأَوْطَانِ تُقْتَحَمُ الْأَغْرَارُ، وَتُرْكَبُ الْأَخْطَارُ، وَتُعَلَّلُ الْخَوَاطِرُ، وَيَقُولُ: لَمَّا طَالَتْ الْمُدَّةُ لَعَلَّهُ قَدْ نُسِيَتْ التُّهْمَةُ، وَبَلِيَتْ الْقِصَّةُ) أ.ه أحكام القرآن 3/511.

العنصر الثاني من خطبة الجمعة القادمة 26 يناير : الدفاع عن الأوطان بين الواجب العيني والكفائي وعِظم الجزاء 

(٢) وجوبُ استشعارِ نعمةِ الأمنِ والأمانِ في وطنِنَا:

إنَّ نعمةَ الأمنِ مِن أجلِّ النعمِ على الإطلاقِ فبها يُعبدُ اللهُ – سبحانه- في أرضِه، وبها تُحفظُ الدماءُ، وبها تُصانُ الأعراضُ أنْ تُنتهكَ، والأموالُ أنْ تُسلبَ، والأرضُ أنْ تُغتصبَ، وهكذا كلُّ طاعةٍ أو عبادةٍ مردُّهَا في الأساسِ إلى نعمةِ الأمنِ، ولذا قدمَهَا السياقُ القرآنيُّ على طلبِ الرزقِ والمنافعِ الماديةِ، فقالَ عزَّ من قائل: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ﴾، وقال في آيةٍ أخرى: ﴿وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا﴾؛ لأنَّهُ بالأمنِ والأمانِ يحصلُ الاستقرارُ الذي هو سببُ البناءِ والتعميرِ في الأرضِ، وانظرْ في حالِ أيِّ بقعةٍ مِن أرجاءِ المعمورةِ  إذا نُزِعَ الأمنُ منها، وحلَّ الخوفُ مكانَهَا كيف حالُهَا مِن الخرابِ والبوارِ والكسادِ في شتَّى مجالاتِ الحياةِ، والإنسانُ قد يُفتحُ عليهِ مِن أبوابِ الخيرِ والبرِّ، لكنَّهُ يفقدُ عنصرَ الأمنِ فلا يهنأُ ولا يستلذُّ بهذه النعمةِ، ولذا عدَّ رسولُنَا ﷺ مَن يملكُ هذه النعمةَ بأنَّهُ حازَ الخيرَ والشرفَ كلَّه، وجمعَ الفضلَ وزيادةً، قَالَ ﷺ: «مَنْ أَصْبَحَ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ طَعَامُ يَوْمِهِ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بحذافيرِها» (الترمذي وابن ماجه)، فمتى بلغَ المجتمعُ مستوَى عاليًا مِن الاستقرارِ والسكينةِ وعدمِ وجودِ أيِّ نوعٍ مِن أنواعِ المخاوفِ حينهَا يصبحُ هذا المجتمعُ آمنًا قادرًا على أداءِ مسؤولياتِه التي خُلِقَ مِن أجلِهَا، كما قال في كتابِهِ العزيزِ:﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ﴾، وقال أيضًا: ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾ .

لقد كانت نعمةُ الأمنِ مطلبُ الأنبياءِ والصالحين، فها هو سيدُنَا يوسفُ عليه السلامُ يطلبُ مِن والديهِ دخولَ مصرَ مخبرًا باستتبابِ الأمنِ بهَا قال ربُّنَا: ﴿وَقَالَ ادْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء اللّهُ آمِنِينَ﴾، وما صارت مصرُ مركزَ توزيعِ الغلالِ للبلادِ المجاورةِ لهَا، ومحطَّ كلِّ، غريبٍ إلّا بانتشارِ الأمنِ فيها، ولذا جاء إخوتُهُ – عليه السلامُ – طالبينً الحنطةَ مِن أهلِهَا قال تعالى: ﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا﴾؛ ولذا كان يدعو نبيُّنَا ﷺ ربَّهُ أنْ يرزقَهُ الأمنَ حينَ يُمسِي وحين يُصبحُ، فعن ابْنِ عُمَرَ قَالَ: «لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ يَدَعُ هَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ حِينَ يُمْسِي، وَحِينَ يُصْبِحُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، اللَّهُمَّ أَسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَأَهْلِي وَمَالِي، اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِي، وَآمِنْ رَوْعَاتِي، وَاحْفَظْنِي مِنْ بَيْنِ يَدَيَّ، وَمِنْ خَلْفِي، وَعَنْ يَمِينِي، وَعَنْ شِمَالِي، وَمِنْ فَوْقِي، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُغْتَالَ مِنْ تَحْتِي» ( ابن ماجه).

العنصر الثالث من خطبة الجمعة القادمة 26 يناير : الدفاع عن الأوطان بين الواجب العيني والكفائي وعِظم الجزاء 

(3) وجوبُ الاستعدادِ والتأهبِ للعدوِّ:

اللهُ -عزَّ وجلَّ- أمرنَا بأخذِ الحذرِ مِن خصمِنَا، وهذا يشملُ الأخذَ بجميعِ الأسبابِ التي بهَا يُستعانُ على حربِهِم، ويُستدفعُ مكرهُم وقوتهُم كاستعمالِ الحصونِ والخنادقِ، وتعلّمِ الرميِ والركوبِ، وتعلّمِ الصناعاتِ التي تُعينُ على ذلك، وما بهِ يُعرفُ مداخلُهُم ومخارجُهُم ومكرُهُم قالَ ربُّنَا: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً﴾ فالآيةُ قد حثتْ المؤمنينَ على وجوبِ النفيرِ على جميعِ الأحوالِ تبعًا للمصلحةِ والنكايةِ: في المنشطِ والمكرهِ، متفرقينَ ومجتمعينَ، خفافًا مِن السلاحِ وثِقالًا منهُ؛ لأنَّ الوصفَ المذكورَ وصفٌ كلِّي يدخلُ فيهِ كلُّ هذه الجزئياتِ لكنْ هذا كلُّهُ مشروطٌ بإذنِ الإمامِ أو الحاكمِ؛ ليكونَ متحسسًا إليهِم وعضدًا مِن ورائِهِم وإلَّا حرمَ ذلك، إذ قد يترتبُ عليهِ مفاسدُ عظيمةٌ تضرُّ بمصالحِ البلادِ والعبادِ.

يجبُ علينَا أنْ ننتبِهَ ونعدَّ العدةَ قالَ تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ ولفظُ “القوةِ” عامٌّ وشاملٌ لجميعِ أنواعِ القوةِ كالعسكريةِ والاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والنفسيةِ والعلميةِ… إلخ فلا يصحُّ أنْ نقفَ مكتوفِي الأيدِي وإلّا تخطفتْنَا الدولُ مِن حولِنَا فلنتأهبْ ولنحذرْ، قالَ تعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً﴾، وقد أوجبَ الإسلامُ علينَا عند الاختلافِ والتنازعِ خاصةً في وقتِ الأزماتِ أنْ نكلَ الأمرَ لأهلِ الاختصاصِ وألَّا نهرفَ بمَا لا نعرفُ، قالَ ربُّنَا: ﴿وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ كمَا أنَّ محبتَنَا لبلدِنَا تسلتزمُ مِن الجميعِ التكاتفَ والاصطفافَ معًا لمواجهةِ الأعداءِ داخليًّا وخارجيًّا، والمدوامةَ على العملِ والإنتاجِ كلٌّ في مِحرابِهِ، والالتزامَ بكلِّ حقوقِ الوطنِ والوفاءَ بقوانينِهِ حتَّى وإنْ كان الشخصُ لا يعيشُ في مرابعِهِ كما قالَ أميرُ الشعراءِ أحمد شوقي:

       وطنِى لو شُغِلتُ بالخُلدِ عنهُ     …      نازعتنِى إليهِ فى الخُلدِ نَفسِي

وبناءً على ما سبقَ جعلَ العلماءُ حبَّ الوطنِ أحدَ «الكلياتِ الستِّ» التي أوجبتْ جميعُ الرسالاتِ السماويةِ الحفاظَ عليه، بل عدَّ رسولُنَا ﷺ مَن يقتلُ في الدفاعِ عنهُ أو عن أرضهِ صابرًا محتسبًا شهيدًا، ففي حديثِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ:«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ» (الترمذي وحسنه)، وتلك منزلةٌ عاليةٌ ودرجةٌ رفيعةٌ لا ينالُهَا إلّا الخُلصُ مِن هذه الأمةِ، أمَّا مَن يقولُ خلافَ ذلك فلا تسعفهُ الأدلةُ ولا الفطرةُ النقيةُ ولا العقولُ الأبيةُ ولا النفوسُ العليةُ .

فمهمَا حاولَ هؤلاءِ الأعداءُ ستظلُّ بلدُنَا محفوظةً بعنايةِ الإلهِ، فمصرُنَا ذُكِرَتْ في كتابِ ربِّنَا عشراتِ المراتِ تصريحًا وتلميحًا وتعريضًا، واقترنَ اسمُهَا بالأمانِ، وشَهِدَ بعلُوِ قدرِهَا نبيُّ السلمِ والسلامِ ﷺ حيثُ قالَ: «إذَا فتحَ اللهُ عليكُم مصرَ بعدِي، فاتخِذُوا فيها جندًا كثيفًا؛ فذلك الجندُ خيرُ أجنادِ الأرضِ، فقالَ لهُ أبو بكرٍ: ولم ذلك يا رسولَ اللهِ؟ قال: إنَّهُم في رباطٍ إلى يومِ القيامةِ»(كنز العمال)، يقول السيوطيُّ: «فى بعضِ الكتبِ الإلهيةِ مصرُ خزائنُ الأرضِ كلِّهَا، فمَن أرادَهَا بسوءٍ قصمَهُ اللهُ »، ويصدقُ ذلك قولُهُ تعالى على لسانِ يوسفَ عليه السلامُ: ﴿قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ﴾ .

وهذا يتحتمُ على الإنسانِ الواعِي أنْ يحافظَ على بلدهِ ” مصرَ “، ويعملَ جاهدًا على حمايتِهَا، والدفاعِ عنهَا، ويبذلَ كلَّ غالِي ورخيصٍ كي يرفعَ شأنَهَا، إذ تحملُ في جنباتِهَا ميراثَ آلِ بيتِ رسولِ اللهِ، ولذا نوهتْ السنةُ المشرفةُ بفضلِهَا، فعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ:«إِنَّكُمْ سَتَفْتَحُونَ مِصْرَ وَهِيَ أَرْضٌ يُسَمَّى فِيهَا الْقِيرَاطُ، فَإِذَا فَتَحْتُمُوهَا فَأَحْسِنُوا إِلَى أَهْلِهَا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمَّةً وَرَحِمًا» أَوْ قَالَ «ذِمَّةً وَصِهْرًا» (مسلم).

 ومِن بابِ إسنادِ الفضلِ إلى أهلِهِ، ومِن منطلقِ قولِ نبيِّنَا ﷺ: «لَا يَشْكُرُ اللَّهُ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ» (أبو داود)، فإنّنَا نقدمُ الشكرَ والعرفانَ لرجالِنَا «رجالِ القواتِ المسلحةِ والشرطةِ البواسلِ» الذين لا يألونَ جهدًا في تحقيقِ الأمنِ والأمانِ، والتضحيةِ بأنفسِهِم، ولهم فضلُ السبقِ بعدَ اللهِ في إعادةِ الانضباطِ إلى شوارعِنَا، وتحقيقِ السلمِ المجتمعِي، ويكفيهِم شرفًا وفخرًا حيثُ بشّرَهُم رسولُنَا ﷺ فقال: «عَيْنَانِ لَا تَمَسُّهُمَا النَّارُ: عَيْنٌ بَكَتْ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ، وَعَيْنٌ بَاتَتْ تَحْرُسُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» (الترمذي) . 

نسألُ اللهَ أنْ يرزقنَا الأمنَ والأمانَ، والسلمَ والسلامَ، وحسنَ العملِ، وفضلَ القبولِ، إنَّه أكرمُ مسؤولٍ، وأعظمُ مأمولٍ، الَّلهُمَّ أَوْرِدْنَا حَوْض نبيك، وَاحْشُرْنَا فِي زُمْرَتِهُ، وَأَنِلْنَا شَفَاعَتَهُ، وَاجْعَلْنَا فِي الجَنَّةِ بِجِوَارِهِ ﷺ، واجعلْ بلدَنَا مِصْرَ سخاءً رخاءً، أمنًا أمانًا، سلمًا سلامًا وسائرَ بلادِ العالمين، ووفقْ ولاةَ أُمورِنَا لِمَا فيهِ نفعُ البلادِ والعبادِ.

   كتبه: الفقير إلى عفو ربه الحنان المنان

د / محروس رمضان حفظي عبد العال

 مدرس التفسير وعلوم القرآن – كلية أصول الدين والدعوة – أسيوط

_____________________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

وللإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

تابعنا علي الفيس بوك

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

وللإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

للمزيد عن أخبار الأوقاف

وللمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »